سياسات الصين الصناعية- حقائق وقواعد في مواجهة اتهامات الحمائية الزائفة.

في الآونة الأخيرة، عمد بعض السياسيين ووسائل الإعلام الغربية إلى تشويه صورة السياسة الصناعية الصينية، زاعمين أن الصين تقدم دعماً مالياً هائلاً لمؤسساتها الوطنية، مما يؤدي إلى امتصاص الطاقة الإنتاجية الزائدة من خلال التصدير، وهو ما يخلق تداعيات سلبية على السوق العالمية.
هذا الخطاب ينم عن تحريف صارخ لمفهوم "الإعانات الصناعية" وإساءة استخدام فادحة لمصطلح "فائض الطاقة الإنتاجية"، ويشكل انتهاكًا سافرًا للمبادئ الأساسية للاقتصاد، وينطوي على مغالطات خطيرة، مما يجعله ضرباً من الافتراءات التي لا تستند إلى أي أساس من الصحة.
إن السياسة الصينية المتعلقة بالإعانات الصناعية تتسم بالمعقولية وتتوافق مع المعايير الدولية. فاستخدام الإعانات الصناعية كأداة لتوجيه التنمية الصناعية وتعديل الهيكل الصناعي هو إجراء شائع تتبعه العديد من الدول حول العالم، ويكمن جوهر الأمر في الالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية.
تلتزم سياسة الإعانات الصناعية الصينية بمبادئ الشفافية والعدالة والامتثال للقواعد، وتركز بشكل أساسي على مرحلة البحث والتطوير وعلى جانب الطلب الاستهلاكي، ولا ترتبط إطلاقاً بالتصدير، وتطبق على جميع الفاعلين في السوق على قدم المساواة، كما أنها لا تتضمن أي إعانات محظورة، وذلك وفقًا للوائح منظمة التجارة العالمية.
يرتكز التطور الصناعي الصيني على الابتكار التكنولوجي المتواصل وعلى التحسين المستمر لنظام سلاسل الصناعة والإمداد، فضلاً عن المنافسة الحرة والكاملة في السوق، بدلاً من الاعتماد على الإعانات المالية. وفي المقابل، شهدت كل من الولايات المتحدة وأوروبا في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في حجم الإعانات المقدمة، مع تبني العديد من الممارسات التي تتسم بالإقصاء والتمييز.
على سبيل المثال، تتسم سياسة الإعانات المخصصة للسيارات الكهربائية في قانون "خفض التضخم" الأمريكي بالتعامل التمييزي مع الشركات الصينية، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا لقواعد منظمة التجارة العالمية. كما أقرت المفوضية الأوروبية عددًا كبيرًا من خطط الإعانات التي تثير الشكوك.
إن حجم الصادرات الصينية الكبير لا يعني وجود "فائض في الطاقة الإنتاجية". ففي ظل واقع العولمة الاقتصادية، أصبح العالم منذ زمن بعيد وحدة متكاملة لا يمكن تجزئتها، حيث يتم التوفيق والتنسيق بين الإنتاج والاستهلاك على نطاق عالمي فعال.
تشترك مختلف البلدان في التعاون الدولي لتقسيم العمل بناءً على المزايا النسبية التي تتمتع بها، وتشكل هياكل صناعية وأحجام طاقة إنتاجية متنوعة، وهو ما لا يسهم فقط في رفع كفاءة تخصيص الموارد العالمية، بل يعزز أيضًا رفاهية شعوب مختلف الدول. إن تصنيف دولة ما على أنها "فائضة" لمجرد أن قدرتها الإنتاجية تتجاوز الطلب المحلي هو أمر يتعارض مع الحقائق والقوانين الموضوعية.
إن الترويج لفكرة "فائض الطاقة الإنتاجية" يعكس في الواقع قلقًا مفرطًا. فالاستناد إلى ذريعة "فائض الطاقة الإنتاجية" لتشويه سمعة الصين وقمعها يعكس في حقيقة الأمر العقلية المضطربة للدول المعنية بشأن القدرة التنافسية لمنتجاتها وحصتها في السوق.
إن فرض قيود على تصدير المنتجات الصينية والتعاون الاستثماري مع الصين من خلال تلفيق الاتهامات هو شكل صارخ من أشكال الحمائية، وهو تدخل وتجزئة مصطنعة للسوق العالمية، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الاقتصادية ومبادئ السوق ويقوض التجارة والاستثمار واستقرار سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، ولن تتمكن الدول المعنية من إعاقة تقدم الصين، بل ستعرقل مسيرتها فحسب.
لقد أثبت التاريخ والواقع مرارًا وتكرارًا أن الحمائية تضر بالجميع ولا تفيد أحد وأنها سياسة خاسرة للجميع. وتعتبر الصين وقطر من أبرز المؤيدين والمستفيدين من العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة.
يركز تعاونهما المثمر على قطاع الطاقة باعتباره محورًا أساسيًا، والبنية التحتية كأولوية قصوى، والاستثمار المالي والابتكار العلمي والتكنولوجي كنقاط نمو واعدة، مما يشكل نموذجًا للتعاون يقوم على تكامل المزايا والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، ويجسد مثالاً يحتذى به للتعاون متبادل المنفعة في سياق العولمة الاقتصادية، ويسهم بفاعلية في تحقيق التنمية عالية الجودة للبلدين، ويعود بالنفع على شعبي البلدين، ويقدم إسهامات جليلة في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي.
ستواصل الصين المضي قدمًا في تعزيز الانفتاح رفيع المستوى على الخارج، وبناء بيئة أعمال عالمية المستوى تتميز بأنها موجهة نحو السوق وترتكز على القانون وتتسم بالطابع الدولي، وتقاسم الفرص الجديدة للتحديث الصيني مع جميع دول العالم.
وفي الوقت نفسه، سنعمل بكل حزم على حماية نظام التجارة متعدد الأطراف، وفي القلب منه منظمة التجارة العالمية، وندعم بقوة تحرير وتيسير التجارة والاستثمار، ونعارض بشدة الحمائية التجارية بكل أشكالها.
إن الصين على أتم الاستعداد لتعميق التعاون في سلاسل الصناعة والإمداد مع قطر وغيرها من دول العالم، وتعزيز الابتكار التكنولوجي والتنمية الصناعية، ودفع عجلة العولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والنفع للجميع، والعمل جنبًا إلى جنب من أجل بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية جمعاء.